إرث بورعو المفقود: كيف أوقفت الحكومات المتعاقبة تطور المدينة؟
"بورعو بين الماضي المزدهر والحاضر المهمل: مطالبات شعبية بمشاريع تنموية تعيد للمدينة مكانتها الاقتصادية."

بورعو، أرض الصومال – في مدينة كانت تُعرف بازدهار أسواق المواشي وحركة التجارة النشطة، أصبحت بورعو اليوم مثالًا واضحًا على الفرص الضائعة. يتأسف السكان المحليون على أن المشاريع الصغيرة التي نُفذت خلال حكم الرئيس سيلانيو لم تكن سوى بارقة أمل لم يتم البناء عليها، ومع ذلك كانت آخر مرة يرون فيها مشروعًا حكوميًا. أما الحكومتان التاليتان، فقد فشلتا تمامًا في تقديم أي مشاريع ذات تأثير ملموس، مما جعل إرث بورعو يتلاشى تدريجيًا.
لمحة عن الازدهار الماضي
لطالما كانت بورعو، ثاني أكبر مدينة في أرض الصومال، حجر الزاوية في النشاط الاقتصادي للبلاد. فقد ساعد موقعها الاستراتيجي وسوقها الحيوي للمواشي على جذب الاستثمارات والتجارة، مما ساهم بشكل كبير في استقرار المنطقة الذي كانت تتمتع به أرض الصومال. ولا يزال السكان يتذكرون أيامًا كانت فيها المدينة تعجّ بالحركة والفرص.
الوعود المتلاشية والتراجع المستمر
خلال حكم الرئيس أحمد محمد محمود "سيلانيو"، تم تنفيذ بعض المشاريع الصغيرة في بورعو، لكنها لم تكن كافية لإحداث تغيير جذري. لم تكن هذه المشاريع مؤشراً على نجاح الحكومة، بل كانت مجرد آخر ما شاهده سكان المدينة من جهود حكومية قبل أن تدخل بورعو في مرحلة طويلة من الإهمال. ومع انتقال السلطة إلى الحكومتين التاليتين، لم يتم تنفيذ أي مشاريع كبرى أو حتى مشاريع صغيرة مشابهة لما تم تنفيذه في المدن الأخرى.
حتى الحكومة الحالية، التي لم تكمل بعد خمسة أشهر في الحكم، لم تقدّم أي وعود واضحة لسكان بورعو، بينما تلقت مدن أخرى وعودًا تم تنفيذها بالفعل. يشعر الأهالي بأن مدينتهم مُهمّشة تمامًا مقارنة ببقية مناطق أرض الصومال، وهو ما يعزز الشعور بعدم المساواة في توزيع التنمية والاستثمار.
أهم القطاعات الاستثمارية في أرض الصومال
رغم العقبات التي تواجهها بورعو، لا تزال هناك قطاعات رئيسية في أرض الصومال تتمتع بإمكانيات استثمارية كبيرة، ومن أهمها:
1. الاتصالات: لا تزال شركات مثل "تيليسوم" تقود الابتكار في خدمات الدفع عبر الهاتف المحمول والاتصالات، مما يجعل هذا القطاع محركًا رئيسيًا للنمو.
2. البنية التحتية: مشاريع تطوير الطرق والمطارات والموانئ مثل ميناء بربرة، لديها القدرة على تعزيز التجارة الإقليمية بشكل كبير.
3. الطاقة المتجددة: الاستثمار في طاقة الرياح والطاقة الشمسية يمكن أن يعالج مشكلات نقص الكهرباء ويوفر حلولًا مستدامة.
4. الثروة الحيوانية والزراعة: كونها العمود الفقري لاقتصاد أرض الصومال، فإن تحسين هذه القطاعات يمكن أن يعزز الصادرات ويحقق الأمن الغذائي.
5. التعدين واستكشاف النفط: هناك تراخيص استكشاف واعدة لموارد طبيعية غير مستغلة، مما يجعل هذا القطاع ذو أهمية اقتصادية طويلة الأمد.
من الاستقرار إلى الجمود
كانت بورعو في الماضي ركيزة أساسية في استقرار أرض الصومال، لكنها فقدت زخمها بشكل تدريجي بسبب غياب المشاريع التنموية. عدم دعم الحكومة وعدم وجود استثمارات كبرى جعلا المدينة تعاني من تراجع البنية التحتية وركود اقتصادي واضح. لم يعد الأمر مجرد مشكلة محلية، بل أصبح يعكس تحديات أوسع في الحوكمة والتخطيط الاستراتيجي داخل أرض الصومال.
دعوة للتحرك نحو مشاريع كبرى
ما يحدث في بورعو هو تحذير واضح للحكومة والقطاع الخاص معًا. لم يعد هناك مجال للاعتماد على مشاريع صغيرة متفرقة، بل هناك حاجة ملحّة لإطلاق استثمارات كبيرة ومستدامة قادرة على إعادة المدينة إلى مجدها السابق. يمكن أن يصبح إنعاش بورعو نموذجًا يحتذى به لباقي المدن، ويعيد الثقة في أجندة التنمية الوطنية لأرض الصومال.
يجب على صانعي القرار إعطاء الأولوية لإنشاء مشاريع ذات تأثير طويل الأمد تستفيد من الإمكانيات الضخمة التي تمتلكها القطاعات الرئيسية، والتأكد من أن مدنًا مثل بورعو ليست خارج معادلة التنمية.
خاتمة
إن الإرث المفقود لبورعو ليس مجرد قصة مدينة، بل هو اختبار لمدى جدية الحكومة في تحقيق التنمية المتوازنة. إن نجاح أرض الصومال واستعادة ازدهار مدنها يعتمد على اتخاذ قرارات جريئة اليوم.
إشعار هام: لم يعد هناك وقت لإطلاق مشاريع صغيرة ذات تأثير محدود. إذا كانت أرض الصومال تسعى إلى مستقبل اقتصادي قوي، يجب أن يكون هناك التزام جاد تجاه الاستثمارات الكبيرة التي تحدث فرقًا ملموسًا. فقط من خلال هذه الخطوات الحاسمة يمكن استعادة مجد بورعو ووضعها على طريق التنمية المستدامة.